رغم تقدمه.. لماذا لم يتمكن ChatGPT من التأثير على نمو بحث جوجل؟

مع تصاعد موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي، توقع كثيرون أن يشكل روبوت الدردشة ChatGPT تهديدًا كبيرًا لهيمنة جوجل في عالم البحث، لكن حتى الآن، لا تزال محركات البحث التقليدية، وعلى رأسها Google Search، تحافظ على مكانتها بل وتواصل النمو. فما الأسباب التي حالت دون تأثير ChatGPT على بحث جوجل؟

جوجل لا تزال تتصدر المشهد

رغم الضجة الكبيرة حول ChatGPT وقدرته على تقديم إجابات مباشرة ومتقدمة باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى أن جوجل لا تزال تحقق معدلات نمو مرتفعة. ففي أحدث إعلان لها، كشفت الشركة أن عدد عمليات البحث السنوية تجاوز 5 تريليونات عملية، مما يعني استمرار توسع قاعدة المستخدمين.

وبحسب تحليل أجرته شركة باركليز استنادًا إلى هذه البيانات، فإن معدل نمو عمليات البحث على جوجل خلال العامين الماضيين (منذ إطلاق ChatGPT في أواخر 2022) ارتفع بأكثر من 20%. وهذا يشير إلى أن محرك البحث لم يتأثر سلبًا بالمنافسة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي التوليدي.

هل الذكاء الاصطناعي يشكل تهديدًا حقيقيًا لجوجل؟

منذ إطلاق ChatGPT، شهدت منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي نموًا سريعًا. ففي نوفمبر 2023، بلغ عدد المستخدمين النشطين أسبوعيًا لـ ChatGPT 100 مليون مستخدم، ليصل إلى 400 مليون بحلول فبراير 2025. ومع هذا التوسع، ساد اعتقاد بأن المستخدمين سيعتمدون أكثر على هذه الأدوات بدلاً من البحث التقليدي عبر جوجل.

لكن عند النظر إلى الأرقام، نجد أن تأثير ChatGPT لم يكن ملموسًا على بحث جوجل حتى الآن. فمحركات البحث تعتمد على نموذج عمل قوي قائم على الإعلانات والاستفادة من الكم الهائل من البيانات المتاحة، بينما يواجه الذكاء الاصطناعي التوليدي تحديات مثل التكلفة العالية وقلة الربحية المباشرة مقارنةً بجوجل.

كيف تحافظ جوجل على ريادتها؟

لم تكتفِ جوجل بالبقاء في موقع الدفاع، بل عززت تجربة البحث بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة، مثل:

• Google Lens: الذي يتيح البحث عبر الصور بدلاً من النصوص، ويُستخدم أكثر من 12 مليار مرة شهريًا.
• Circle to Search: ميزة جديدة تسهل البحث داخل التطبيقات دون الحاجة إلى الخروج منها.
• AI Overviews: ميزة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم ملخصات فورية للإجابات، مما يقلل من حاجة المستخدم للنقر على الروابط التقليدية.

ورغم بعض الأخطاء التي واجهتها جوجل في ميزات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل اقتراح بيتزا بالغراء، إلا أن الشركة تعمل باستمرار على تحسين أدائها والحد من الأخطاء.

وكلاء الذكاء الاصطناعي ومستقبل البحث

تتجه صناعة التكنولوجيا نحو مستقبل يعتمد بشكل أكبر على وكلاء الذكاء الاصطناعي، وهي أدوات قادرة على تنفيذ المهام بشكل أكثر تطورًا من محركات البحث التقليدية. وقد بدأت جوجل بالفعل الاستثمار في هذه التقنية، مما قد يؤدي إلى تغيير جذري في الطريقة التي نبحث بها عن المعلومات.

في المستقبل، قد يتمكن المستخدمون من التفاعل مع وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على تنفيذ المهام نيابة عنهم، مثل حجز التذاكر أو تقديم توصيات مخصصة، بدلاً من مجرد البحث عن المعلومات كما هو الحال الآن.

معركة لم تُحسم بعد

رغم الضجيج حول ChatGPT، لا تزال جوجل تحتفظ بمكانتها كأكبر محرك بحث في العالم، وتواصل الابتكار للحفاظ على ريادتها. لكن مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، قد نشهد تغيرات جذرية في سوق البحث خلال السنوات القادمة، مما يجعل المنافسة أكثر إثارة من أي وقت مضى.