انهيار رقمي عالمي.. كيف كشف عطل أمازون عن هشاشة الإنترنت في عصر السحابة؟

شهد العالم في 21 أكتوبر 2025 واحدة من أكبر حوادث الانقطاع الرقمي في العقد الأخير، بعد أن تعرض مركز بيانات شركة أمازون للخدمات السحابية (AWS) في ولاية فيرجينيا الأمريكية لعطل واسع النطاق أدى إلى توقف آلاف المواقع والخدمات حول العالم، في مشهد يعكس مدى اعتماد الإنترنت العالمي على مزوّدات محدودة.
شلل رقمي عالمي
بدأت الأزمة عند الساعة العاشرة صباحًا بتوقيت مكة المكرمة، حين تعطل مركز US-EAST-1 التابع لأمازون، وهو أهم مركز بيانات في بنيتها السحابية. ونتيجة لذلك تعطلت تطبيقات كبرى مثل واتساب وسناب شات وريدت، إلى جانب منصات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، وأدوات أمازون مثل أليكسا، وخدمات شركات طيران وبنوك ومنصات ألعاب مثل فورتنايت وديزني+، وحتى مواقع إخبارية عالمية مثل نيويورك تايمز.
أصل المشكلة: خلل في نظام DNS
أوضحت أمازون أن الخلل نجم عن عطل في نظام أسماء النطاقات (DNS) الخاص بقاعدة بيانات DynamoDB، وهو النظام المسؤول عن ترجمة أسماء المواقع إلى عناوينها الرقمية (IP). هذا الخلل منع التطبيقات من الوصول إلى خوادمها، ما تسبب في فوضى رقمية متسلسلة امتدت إلى أنحاء العالم.
تأثير محدود في الدول العربية
رغم ضخامة الحادث، كان تأثيره في المنطقة العربية محدودًا، بفضل اعتماد العديد من المنصات على خوادم محلية أو إقليمية أقرب جغرافيًا. ورُصدت فقط حالات بطء مؤقت في بعض التطبيقات، قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها خلال ساعات. ويرى خبراء الاتصالات أن اللامركزية الجغرافية ساعدت في تقليل حجم الضرر.
هل كان هجومًا سيبرانيًا؟
استبعدت أمازون فرضية الهجوم الإلكتروني، مؤكدة أن الخلل تقني بحت. ومع ذلك، أثار الحادث مخاوف واسعة حول هشاشة البنية التحتية الرقمية العالمية، خصوصًا في ظل الاعتماد المفرط على عدد محدود من الشركات السحابية مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل.
عالم رقمي أوهن من بيت العنكبوت
أظهر هذا الانقطاع أن الإنترنت العالمي أضعف مما يبدو، فالمركزية المفرطة تجعل أي خلل بسيط قادرًا على شل قطاعات مالية واتصالية كاملة. وذكّر الحدث بأزمة CrowdStrike في يوليو 2024، حين أدى تحديث خاطئ لأداة أمنية واحدة إلى توقف ملايين الأجهزة حول العالم، في أزمة كانت أكثر شمولًا من حادث أمازون الأخير.
السيادة الرقمية.. أمن قومي عربي
أعاد هذا الخلل النقاش حول مفهوم السيادة الرقمية في العالم العربي، إذ تعتمد الكثير من الحكومات والمؤسسات على بنى تحتية خارجية. وأكد محللون أن الاستثمار في مراكز بيانات محلية وبنى سحابية مستقلة بات ضرورة وطنية لضمان استمرارية الخدمات عند وقوع أعطال عالمية مماثلة.
الدرس المستفاد
ما حدث لا يُعد مجرد خلل تقني، بل إنذارًا عالميًا بأن التحول الرقمي لا يكتمل دون استقلال سحابي وأمن معلوماتي متين. فالاعتماد الكامل على مزوّد واحد قد يجعل العالم بأسره رهينة خطأ تقني واحد. والمستقبل – كما يرى الخبراء – سيكون لمن يستطيع بناء بنية رقمية مرنة موزعة جغرافيًا، قادرة على الصمود في وجه الأعطال المفاجئة والأزمات العالمية.